من اكتشف الصفر؟

من مكتشف الصفر

يعتقد بعض الناس خطأً أن الصفر لا قيمة له، على أساس أنه لا يمثل أي قيمة عددية، ويقولون (جاء فلان صفر اليدين) على من لا يملك مالًا مثلًا، في حين أن اكتشاف العدد صفر- والذي تقع قيمته بين العدد واحد، وسالب واحد على خط الأعداد، والذي سيأتي تناوله بالتفصيل لاحقً- يعدّ طفرة علمية هائلة في علم الرياضيات البحتة والتطبيقية، والتي بنيت عليها التكنولوجيا الحديثة بكل مكوناتها التي نعيشها اليوم، وخاصة الحاسوب، ولأهمية هذا الاكتشاف  العظيم سوف نتطرق إليه تفصيليًا خلال مقالنا هذا.

 

ماهية العدد صفر

تخيل أن درجة الحرارة تنخفض تدريجيًا وبانتظام من +٣، ثم +٢، ثم +١، ثم توالت في الانخفاض، فيأتي دور الصفر ليكون هو الدرجة التالية، بين +١ و-١، وإلا كانت ستحدث فجوة بين القيمتين أو قفزة غير مبررة بينهما، وأيضًا عندما نتتابع في العد من العدد(١) حتى العدد (٩)، فيأتي دور العدد (٠) لننتقل إلى العدد )١٠)، فبهذا شغل الصفر قيمة خانة الآحاد لتبدأ خانة العشرات في الامتلاء، وهكذا .

وعليه فإن الصفر هو القيمة الخالية التي تتوسط خط الأعداد والتي تتزايد قيمتها كلما اتجهنا يمينًا في اتجاه الأعداد الموجبة، وتنخفض قيمتها كلما اتجهنا يسارًا بعيدًا عن الصفر، في اتجاه الأعداد السالبة، ويعبر عنه  بالمجموعة الخالية، ويرمز لها رياضيًا بالرمز{  }.

 

من اكتشف الصفر ؟

العالم الهندي: براهما غوبتا هو من قام بتفسير وتوضيح الصفر ، وشرح كيفية استخدامه. براهما غوبتا هو عالم فلك ورياضيات

 

لمحة تاريخية عن اكتشاف الصفر

كان الإنسان قديمًا يستخدم الحصى لعدّ ممتلكاته، فيبدأ بتفريغ كيس من الحصى قبل العدّ، ثم يبدأ العدّ بوضع الواحدة تلو الأخرى من الحصى داخل كيس مقابل كل واحدة من ممتلكاته، ومن هنا نشأ معنى الصفر، وهو الناتج عن فكرة الكيس الفارغ من الحصى ابتداء قبل العدّ، دون المقدرة على التعبير عن ذلك رياضيًا،

ثم تطوّر فكر الإنسان رياضيًا وبدأت الحضارات القديمة في الظهور على النحو التالي:

الحضارة السومرية:

تعدّ الحضارة السومرية من أقدم الحضارات التي اعتمدت على الرياضيات وفلسفة العدّ في بناء حضارتها، حيث اُكتشف نقش للإعداد ورسم شرطة مائلة مقابل الصفر من بين أعداد العدّ، إلا أنه لم يتم استخدامه حسابيًا.

 

حضارة بابل:

انتقل نظام العدّ إلى الحضارة البابلية، إلا أنهم تركوا مسافة فارغة مكان القيمة الصفرية بين أعداد العد،ّ للتعبير عن قيمة الصفر، وبالرغم من أن الحضارة البابلية تلت الحضارة السومرية إلا أن الحضارة السومرية كانت أكثر تقدمًا في التعبير عن قيمة الصفر بوضع أول رمز له، وهو الشرطة المائلة.

 

حضارة المايا:

تطوّر الفكر الرياضيّ خلال تلك الحضارة، وتم استخدام الصفر في نظام التقويم، ولكنه لم يستخدم بالمفهوم الحسابي، ومع ذلك يعدّ استخدامه عمليًا في التقويم طفرة في مفهوم الصفر.

 

الحضارة الأثينية:

لم تنل مشكلة قيمة الصفر من الناحية الحسابية كثيرًا من الاهتمام عند الأثينيين، لاعتمادهم في حضارتهم على علم الهندسة، وكانوا يعبرون عن الأطوال الهندسية بمجموعة من الخطوط مختلفة الأبعاد، واستخدموا الرمز (O) في تقويماتهم الفلكية للتعبير عن قيمة الصفر.

 

الحضارة الهندية:

ومع انتشار التجارة استفادت الحضارات بعضها من بعض، وأخذت الحضارة الهندية فكرة الرمز (O) عن الحضارة الأثينية، وتم استخدامه بالمفهوم الأولي للتعبير عن الصفر كقيمة حسابية، وكانت تعبر عنه بالرمز (x)، أو الرمز )O)، ثم أخذ هذا المفهوم في التطور حسابيًا واستخدم في عمليتي الجمع والطرح.

 

اكتشاف الصفر

مع ازدهار التجارة، نقل التجار العرب عن الحضارة الهندية علم الحساب، لتلبية احتياجاتهم من هذا الغرض في تجارتهم، ثم قاموا بتطوير هذا الفكر، وتبلورت فكرة الصفر جبريًا على النحو الآتي:

أولًا: مرحلة الخوارزمي:

قام العالم الرياضي محمد الخوارزمي بوضع معادلاته الرياضية، مستخدمًا الصفر كقيمة جبرية، وإجراء عملية الضرب والتوزيع (القسمة)، باستخدام الصفر، وهو أول من أطلق اسم الصفر على تلك القيمة الخالية التي يرمز لها بالشكل البيضاوي (O)، وهو القيمة المتوسطة بين الأعداد الموجبة والسالبة على خط الأعداد، ومن هنا ترسّخت فكرة الصفر الجبرية.

ثانيًا: مرحلة فيبوناتشي:

استعان عالم الرياضيات فيبوناتشي الإيطالي بأبحاث الخوارزمي الجبرية، وقام باستخدام الصفر بمفهوم الخوارزمي ومن هنا شق الصفر بمفهومه الجبري طريقه إلى الغرب، واستخدامه في علم الرياضيات البحتة والتطبيقية بشكله الحالي.

اقرا ايضاً

 

الصفر في حياتنا

باكتشاف الخوارزمي للصفر واستخدامه جبريًا ، ترتبت عليه النهضة التكنولوجية الحديثة، حيث نشأت الحسابات الفلكية والفيزيائية الدقيقة، والعمليات المصرفية، و طباعة النقود كفئات نقدية عددية، وتكنولوجيا الحاسبات الإلكترونية التي بنيت عليها حضارتنا اليوم.

التعليقات

أترك تعليق..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *