تقنية النانو في الكيمياء

تقنية النانو في الكيمياء

كثيراً ما يكون في متناول أيدينا العديد من الأشياء الدقيقة كالهواتف الذكية، أو أشياء أخرى لا نلقي لها بالًا كعلب المياه الغازية الفارغة، أو أشياء تبهرنا بألوانها الجذابة كلون سيارة فارهة أو تحفة من الخزف البراق، ولا نعلم ما هو السر وراء كل هذه الأشياء، إنها تقنية النانو، التي استطاع العلماء من خلالها أن يصلوا بالمكونات الإلكترونية الداخلية للأجهزة الذكية إلى حجم المايكرو، مع احتفاظها بتأدية كامل مهامها وبدقة عالية، فهي التقنية التي أحدثت ثورة علمية في الطب والهندسة والكيمياء، هذه العلوم وغيرها التي شكلت حياتنا على ما هي عليه الآن، لذلك سوف نتناول هذه التقنية بالتفصيل من خلال مقالنا هذا.

 

تعريف النانو

كلما تطور العلم دلّ ذلك على أن هناك تطورًا تكنولوجيًا يقف خلف هذا التطور، وتقنية النانو ليست ببعيدة من هذا؛ فقد استطاعت التقنية الحديثة تجزئة المادة الكيميائية إلى جزيئات دقيقة يصل حجم الواحدة منها إلى واحد من المليون من الميكرو مليمتر أي ما يعادل   0.0000000001  مليمتر، ببساطة شديدة فالملليمتر يحتوي على مليار نانو، ومن هنا يمكن تعريف النانو بأنه “الجزء الدقيق من المادة الذي يبلغ طوله جزء من مليار جزء من المادة، ويحمل نفس الخواص الفيزيائية والكيميائية لتلك المادة”.

 

النانو والكيمياء

فيما مضى كان ينظر إلى التفاعلات الكيميائية على المستوى الجزيئي فقط خلال المختبرات العتيقة، ثم تطور العلم فأصبح ينظر إلى التفاعلات الكيميائية في المعمل على المستوى الذرّي، أما الآن ومع التقدم العلمي الهائل وظهور الميكروسكوب الإلكتروني، والمجهر الذري AFM  فينظر إلى التفاعلات الكيميائية على مستوى النانو، فتمكن العلماء بذلك من الإمساك بناصية التفاعلات الكيميائية الدقيقة والتحكم المتناهي في خواص المواد المراد الحصول عليها  وسرعة هذا التفاعل، وكذلك استطاعوا خلق مواد جديدة ذات خواص كيميائية  وفيزيائية خارقة، تدخل في العديد من الصناعات الحديثة.

 

تاريخ النانو

ربما لم يترامى إلى أسماعنا مصطلح النانو إلا قريباً، ولكنه يتردد في المؤتمرات العلمية منذ عام 1959م على يد عالم الفيزياء ريتشارد فاينمان الذي أثاره عند اجتماع الجمعية الأمريكية للفيزياء بكاليفورنيا، بأنه يمكن التحكم في التفاعلات الكيميائية على المستوى الأقل من الذرة، حيث أنه وقتئذٍ لم يكن قد اكتشف ما هو أدق من الذرة، ثم جاء من بعده البروفيسور نوريو تانيجوتشي، والذي استطاع أن يضع أفكار فاينمان عن النانو موضع التطبيق العملي، في ظلّ التقدم التكنولوجي وظهور ميكروسكوب المسح النفقي، و ميكروسكوب القوة الذرية آنذاك.

 

استخدامات تقنية النانو

تستخدم تقنية النانو في الكيمياء بشكل واسع؛ حيث يتم استخدامها في شتى مجالات الحياة، ويمكن ذكر أمثلة منها كما يلي:

ترشيح المياه:

واكب التطور الصناعي تلوث المياه، فكان لتقنية النانو الفضل العظيم في اختراع جهاز الألياف الكربونية لترشيح المياه، والذي ظهر معه المياه المعدنية بنقائها المتميز الخالي من  البكتيريا الضارة والفيروسات.

شاشات العرض الدقيقة:

فبتقنية النانو تمّ اختراع أحبار ألياف الكربون التي تستخدم في صناعة شاشات العرض الدقيقة، وشاشات الهواتف الذكية، وأجهزة GPS، المخصصة للسيارات وغيرها.

المستحضرات الطبية:

حيث أنه بواسطة تقنية النانو الكيميائية تمّ التوصل إلى علاجات طبية ذات فاعلية أكبر، من خلال المستحضرات الكيميائية المعدة بتكنولوجيا النانو.

الأجهزة الطبية:

استطاع العلماء باستخدام تقنية النانو اختراع روبوتات دقيقة تستخدم في عمل المناظير الطبية، وإجراء العمليات المجهرية الدقيقة.

الذكاء الصناعي:

أحدثت تقنية النانو في الكيمياء طفرة في الأجهزة الإلكترونية الذكية كالحواسيب الإلكترونية الدقيقة، والهواتف الذكية، والروبوتات الآلية؛ حيث تمكنت من إنتاج مكوناتها بشكل أدق حجمًا وأعلى كفاءة.

حماية البيئة:

تمكّن العلماء باستخدام تقنية النانو من الاستفادة من المخلفات العضوية وغير العضوية، من خلال تحليلها كيميائيًا وإعادة تدويرها إلى منتجات ذات قيمة، واستخدامها كمصدر للطاقة، أو كمواد أولية لمنتجات أخرى.

مما سبق اتضح لنا أن تقنية النانو في الكيمياء بالرغم من أنها تقنية حديثة نسبيًا إلا أنها غيرت مجرى التاريخ، حيث قفزت بالصناعة قفزات ما كان لها أن تتمكن منها إلا بفضل هذه التقنية.

التعليقات

أترك تعليق..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *